التصنيفات
مدونتي

سابقٌ لعصره!

بينما كنا نجتمع لتخليد ذكرى شخصية كويتية رفيعة للفكر والعطاء كالأستاذ عبدالعزيز حسين في ندوة نظمها الملتقى الكويتي ممثلا بمؤسسه ومديره الأديب طالب الرفاعي مع جهود الدكتور عبدالله الجسمي، فإننا بالواقع كنا نستذكر ماضي الكويت التنويري الذي تأسس وقام على يد كوكبة من الشخصيات التنويرية والفكرية والأدبية، كان لها قياد المجتمع وتوعيته وتوجيهه فكرا وإبداعًا.

ونحن بذلك، كأننا نقف على أطلال ذاك الفكر المستنير والعمل المؤسس لنهضة الثقافة والإبداع في الكويت، مستشعرين أهمية تلك المرحلة في زمن بتنا أكثر حاجة لاستلهام الجهود والأفكار المؤسسة لمواجهة ما نعانيه اليوم من تراجع كبير على المستوى المؤسسي والفردي، بتطوير مستوى الوعي المجتمعي من ثقافة الاستهلاك إلى فعل الانتاج المؤسس على الحرية المسؤولة والعمل المؤسسي المفترض.

من التعليقات التي علقت في ذهني، ما ذكره أستاذ الفلسفة في جامعة الكويت الدكتور عبدالله الجسمي في معرض حديثه عن الأستاذ عبدالعزيز حسين حول تفكيره العقلاني في تناوله لقضايا الوطن، وأن هذا التفكير كان سائدا المجتمع الكويتي في مرحلة سبقت الاستقلال. ولعل الدكتور الجسمي قصد تفكير العقل النقدي العملي، حيث أن أفراد المجتمع كانوا منشغلين بالعمل أكثر، بعيدا عن أي تجاذبات سطحية حول أحداث أو قضايا قد لا تشكل أهمية عامة كما هو الوقت الراهن.

كذلك تكررت جملة (سابق لعصره) التي شغلت أيضا تفكير وتساؤل الحضور، فهل يكون الإنسان سابقا لعصره إن كان عصره بالأصل متأخرا ثقافيا وعلميا عن بقية المجتمعات؟

واليوم، هل يكون الإنسان متأخرا عن عصره لكونه بات منشغلا بقضايا عفى عنها الزمن وتجاوزتها الأمم المتقدمة؟

عندما أحاول قياس تقدم المجتمع على مستوى التعليم، لكونه المحك الفعلي والعملي لتقدم الأمم، وأجد أننا نعيش ذات التفكير المنهجي المعتمد على التلقين والحفظ وانحسار حرية البحث العلمي وتسطيح مسألة التحصيل العلمي على أن نتيجته الحتمية هي التوظيف فقط، أدرك بؤس الواقع التعليمي والمهني في وقتنا الحالي، وهو عكس ما حلم به أولئك المؤسسون بمجتمع أكثر انتاجية وعملية وواقعية.

المفارقة في ندوة الأستاذ عبدالعزيز حسين، أنه سبقتها بأيام وفاة الأستاذ عبدالله النيباري الذي لحق برفيق دربه الدكتور أحمد الخطيب رحمهم الله جميعا ومن سبقهم من رجال الكويت المفكرين ، لأدرك فعلا بأن الزمن سريع جدا وسابق لعصرنا .

فهد توفيق الهندال

اللوحة للفنانة سهيلة النجدي

2 replies on “سابقٌ لعصره!”

رائع المقال في وصف حال المستوى التعليمي والثقافي في المجتمع والانشغال المجتمع في توافة الأمور والابتعاد عن أسس القواعد الفكرية والمعرفية في بناء مجتمع راقي متقدم ينافس المجتمعات المتقدمة

إعجاب

ملاحظة قيمة في محلها. أ. عبدالعزيز حسين سابق لعصره. أومن أن المبدعين و المفكرين و العلماء هم حملة مشعل التطور والحضارة لأنهم يضيئون الدرب أمام أجيال كاملة تتبعهم لتنعم بنور التقدم والحضارة.

إعجاب

اترك رداً على جميلة سيد علي إلغاء الرد