التصنيفات
مدونتي

ضاع الديك

لم يكن عنوان مسرحية فقط قدّمت في سبعينيات القرن العشرين ، بل صرخة مدوية حيال ما يشهده المجتمع الكويتي من تبدّل للقيم والعادات بشكل سريع وخطير غير مسبوق تحت شعار المدنيّة. فالمجتمع البشري معرّض لتغييرات جذرية في مختلف نواحي الحياة نتيجة تغيّر الحالة الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية، مما سينعكس على الحالة الاجتماعية.

فالمجتمعات هي نتاج السياق التاريخي الذي تمر به، فيتشكل بناء ذلك إنسانها الجديد مؤسسا لعادات وقيم جديدة، قد تكون بعضها مستلهمة لموروثه الاجتماعي السابق، وأخرى مستهلكة من ثقافات أخرى مستوردة.

واليوم نشهد تغييرا كبيرا وسريعا في تبدّل القيم والسلوكيات الفردية والمجتمعية معا، نتيجة طفرات الثورة التكنولوجية واتساع رقعة وسائل التواصل / التباعد الاجتماعي مما ساهم في خلق ظواهر سلبية كثيرة، لم يستطع المجتمع حتى هذه اللحظة السيطرة على آثارها المزلزلة لاستقرار المجتمع، أبرزها ظاهرة العنف بشتى صوره اللفظية والجسدية والفكرية، إلى جانب التسطيح الذي تشهده الساحة على مستوى الفكر والثقافة وتحليل أي قضية محلية، والذي يعود لتهميش النخب الجادة لنفسها والسماح لدخول نخب جديدة تحت مسمى “المؤثرين” ومساهمتهم في تعزيز الجرعة الاستهلاكية والسطحية دون الانتاجية والابداعية ، بعد وجود أرض خصبة تساعد على اتساع التفاهة كما يذكر آلان دونو في كتابه (نظام التفاهة).

على مستوى الأدب والفن، تراجعت المشاريع العميقة أمام غيرها السطحية التي نجحت بفعل التأثير التسويقي، فصرنا أمام ظاهرة فاشينيستات الأدب والفن للترويج الشخصي أو المؤسسي دون أي تعزيز للانتاجية الجادة المؤثرة في اكتساب أفراد المجتمع لمهارات قيمية إنسانية متطورة.

إذا كانت صرختنا اليوم هي “ضاع الديك”، فهناك صرخة أخرى “الفيل كبر يا ناس” وتلك قصة أخرى.

فهد توفيق الهندال

One reply on “ضاع الديك”

فعلاً هناك حصل تغييرات كثيره في مجتمعنا كان في بعضها لها امل ان تصعد وترتقي ولكن نتيجةً لتعاقب الادارات واختلافها وعدم ايمان السلطات بالثقافه ان كنا نتحدث عنها علي سبيل المثال نجدها غير متكافأة حيث اصبحت الفنون فقط يراها البعض في الغناء وهناك انواع اخري من الفنون ينظر لها البعض بنظرة ليست بالمستوي المنشود

إعجاب

اترك رداً على غسان بورحمه إلغاء الرد