التصنيفات
مدونتي

دراما سما عالية

تابعت مسلسل سما عالية من تأليف صالح النبهان و شيخة بن عامر وإخراج محمد دحام الشمري وتمثيل مجموعة من الفنانين الذين اعتدنا حضورهم في أعمال الشمري. قصة المسلسل واجهت تحديا كبيرا لتجسيدها على خشبة الدراما يتمثل ذلك في فترة الزمنية المحكية وتمتد من نهاية الستينيات إلى الألفية الثالثة، وهي فترة زمنية طويلة لا يمكن اختصارها في ٣٠ حلقة وكل حلقة عمرها لا يتجاوز ٣٥ دقيقة إذا ألغينا تتر المقدمة والختام، فهل يمكن أن يواكب عمل درامي هذا الخط الزمني ومراحله المختلفة من التاريخ الاجتماعى في الكويت شهدت فيها تطورات وأحداث وتحولات كثيرة مع تعدد أجيال العمل؟
قد يكون الجواب أن العمل ليس توثيقيا، ولكن عندما أعود للذاكرة مع عمل درامي آخر لنفس المخرج الشمري وهو ساهر الليل نجد أن كل جزء من أجزاءه الثلاثة مثّل مرحلة لوحدها في التاريخ الاجتماعي للكويت، وربما كان بالامكان الاستفادة من التجربة السابقة في توجيه الكتابة الدرامية خاصة وأن القائمين عليها كاتبان، وهنا أتساءل أيضا كيف تم تقسيم كتابة العمل بينهما، خاصة وأننا لاحظنا تفاوتا بين مستوى الحوارات ورسم المشاهد، فهناك حوارات عميقة تحلل الواقع وتفكك خيوطه، وحوارات أخرى لا تختلف عن حوارات بعض المسلسلات الدرامية المستهلكة في رمضان !
بالنسبة للشخصية الرئيسية للعمل (الدكتور راشد المريّش) اتسمت بالاستقلالية والأفكار المتحررة والمنتقدة للمجتمع، وشجّع زوجته (شيخة) على اكمال دراستها وخلع العباءة و قيادة السيارة، ولكنه التزم بموقف الحياد مع أخته (سميرة) في مسألة العباءة التي خلعتها متأخرا جدا حتى عن الفترة الزمنية الفعلية التي شهدها المجتمع الكويتي وقتها، ولم تتمكن من الزواج من (محفوظ) المحامي اليمني بسبب ماضيه المتواضع بينهم، وهنا أتساءل هل خشي راشد مواجهة مع أهله بسبب سميرة وقد دفع شيخة لمواجهة كبرى مع أهلها تسبب بمقاطعتها والتبرؤ منها؟
كذلك اغتيال راشد أدى إلى ارتباك خط الزمن، وذلك في القفز السريع على ٣ عقود في الحلقات الست المتبقية خلاف الخط الزمني المتمهل لل ٢٤ حلقة السابقة، وأيضا لم تكن فكرة تغييب راشد بالاغتيال مقنعة لكون الكويت لم تشهد مثل هذه الأحداث مع شخصيات فكرية أو سياسية معروفة خلال تلك المرحلة، وإن كان القصد هو اغتيال الأفكار التنويرية، ولكن كان بالامكان أن تكون فكرة التغييب أكثر اقناعا وفي حلقة متأخرة، وهذا ما لمسناه بعد خروج شخصية راشد من الحدث الدرامي، فدخل العمل في متاهة مصير بقية الشخصيات!
جاء عنوان العمل (سما عاليه) نسبة لشخصيتيه المتأخرتين في الظهور، عالية بنت راشد و ابنتها سما، ولم يكن مقنعا أن العمل يدور حول فكرة نسبة البنت لأمها بدلا من أبيها، وهي فكرة بعيدة عن الواقع كما هي السماء العالية، وأعتقد أن هذا مغزى العنوان إن كان فعلا في فكر فريق العمل.
العمل بشكل عام متميز بما قدّمه من حوارات وأفكار ومعالجة فنية للقضايا التي طرحها، وهو ما جعله مختلفا وفريدا في رؤيته وخطابه عن بقية الأعمال الدرامية المستهلكة، وإن تغلبت في بعض مشاهده لغة المسرح. وما ذكرته من ملاحظات لا تقلل من جهود القائمين عليه من كتّاب وفنانين ومخرجين وفريق فني وموسيقى مذهلة لابراهيم شامل.

فهد توفيق الهندال

2 replies on “دراما سما عالية”

مقال جميل في عمل المخرج محمد دحام، لك أعماله رائعة تصل إلى مشاعر المشاهد، ولكنك ذكرت حدث خلع العباءة في ذلك الزمان وهو توثيق لما وقع وحدث ليس بالسهل تقبله في مجتمع محافظة متعصب في فترة الستينات، اظن ان هذا الحدث شفيع للمخرج أن وثق حدث مهم في زمن المسلسل

إعجاب

حياك الله صديقي الناقد العزيز
اتفق معك في ما ذكرت وربما لدي اضافة إلى ما انت له من الذاكرين فيما يخص العنوان ( سما عالية) وهي ربما المقصود ايضا في معنى العنوان هو الطموح والوصول اليه وخصوصا ان مفردة ( سما) مجزوء كلمة ( سماء) هي اشارة واضحة الى العلو والرفعة والى ما وصلت اليه هذه الشخصية .
حياة الفتاة (شيخة) ام عالية التي تنتمي لاسرة منغلقة او بتعبير اقل هجومية ( عائلة محافظة) وترتبط براشد الرجل المتفتح لتبدا حياتها الجديدة لتكون عالية. هي بداية الخروج من المجتمع الكويتي لتنطلق للخارج .
ما بين 1969 وحتى بداية 2002 هي فترة طويلة جدا وصحة تحليلك في حصرها بجزء واحد هي عين الصواب.

دمتم سالمين
ودمتم للثقافة من الناشرين

المترجم
عباس محسن
العراق

إعجاب

اترك رداً على عباس المحسن إلغاء الرد