التصنيفات
مدونتي

في اليوم العالمي للفلسفة

يحتفل العالم بيوم 19 نوفمبر بالفلسفة، لكونها محركة العقل البشري والحوار الحضاري بين الأمم. ويمكن اختصار الفلسفة بأنها حبُّ الحكمة، أي التوازن في التفكير والاعتدال في التعامل مع وجهات الرأي المختلفة وبعد النظر في رسم المستقبل.

وللفلسفة مجالات كثيرة، وتفرعت منها علوم شتى، لهذا عندما يصل طالب العلم إلى درجة الدكتوراه PHD فهو حاز درجة الدكتوراه في فلسفة المجال العلمي الذي تخصص به. ولكن العبرة في الاستمرار بالبحث العلمي و التحليل الفكري لقضايا البشرية، عبر بحوث ودراسات واصدارات تكون شاهدة على الإرث الفلسفي له.

ومع ذلك، ليست الفلسفة حكرا على باحثي ودارسي كليات وأقسام الفلسفة، وإنما هي مشاعة لكل من تخصص في مجاله وقدّم نظريات حديثة وساهم في تعديل مسار تحليل الفكر العلمي مما له دور في تنمية الوعي المجتمعي.

فالفيلسوف إنسان مبدع بطبعه، فهناك الفيلسوف الشاعر، الروائي، المسرحي، الفنان، الناقد.

أخيرا.. حول فكرة الفلسفة أعجبني ما قاله امبرتو ايكو عن سبب غزارة انتاجه، فرد قائلا:

“أعطاني إياها أحد أساتذتي عندما كُنت فتياً. إذ قال لي يوماً: يجب أن تعرف يا أُمبرتو أننا نولد وفي رأسنا فكرة واحدة، وأننا نعيش كل حياتنا ساعين وراء تلك الفكرة بالذات. أذكر أني أعتقدتُ يومذاك أن أستاذي هذا في غاية الرجعية لإلغائه كل احتمالات التغيير لدى الإنسان. لكني إذا رحتُ أنضج، اكتشفتُ أنه على حق، وأني طوال حياتي لم أسع إلا وراء فكرة واحدة فقط لا غير: المشكلة هي أني لم أعرف بعد ما هي تلك الفكرة! لكني متفائل وآمل في اكتشافها قبل موتي.”

إذن الفلسفة هي بحث عن فكرة واحدة تشغل عقلنا منذ ولادتنا، وقد لا نجدها، دون أن نتحول لظاهرة صوتية تجتر من الفلسفة اسمها المجرد فقط. ولعل هذا كان سبب سخط جان جاك روسو من كثير ممن انتسبوا للفلسفة أو احتسبوا عليها بقوله: “امتلأ الفكر الفلسفي بترهات يخجل منها المرء إذا نزع عنها زينتها الكلامية”!

فهد توفيق الهندال

التصنيفات
مدونتي

صناعة التفاهة -١

في مستهل الموسم الحادي عشر للملتقى الثقافي المنعقد في بيت الأديب طالب الرفاعي، أقيمت جلسة مناقشة كتاب (نظام التفاهة) للمفكر الفرنسي آلان دونو، بحضور مترجمة الكتاب أستاذة القانون في جامعة الكويت الدكتورة مشاعل الهاجري. بدأت الجلسة بورقة للدكتور حامد الحمود كمراجعة سريعة للكتاب، وضع من خلالها جملة ملاحظات على الكاتب والكتاب، ثم فتح باب النقاش لحضور الملتقى. وفي خضم هذه الجلسة المهمة، كانت جملة من الأفكار تدور في ذهني سبق لي أن أثرتها في حوارات عدة، حول نظام التفاهة كواقع جديد مفروض على المجتمعات البشرية في زمن هو أقرب لحرب نووية محتملة نتيجة صراع الأقطاب في العالم، ولعل تسيّد التفاهة بدأ مع ارهاصات ما بعد الحداثة، حيث تمت إسالة الكثير من القيم والمنظومات والمصطلحات الحداثية في بوتقة لشكل العصرية الجديدة الداعية في مجمل أطروحاتها للقطيعة مع التاريخ الفكري للإنسان و النظم الأخلاقية المؤسسة للمجتمع الإنساني و الدخول في صراعات الهويات الصغرى. ما يحدث اليوم من التسليع الاستهلاكي للزمن، هو بداية طريق نحو انهيار شكل العالم والعيش الإنساني كما يذكر زيجمونت باومان في (الحداثة السائلة) ضمن سلسلة السيولة.
إن ما نشهده في عالمنا اليوم هو صناعة الاستهلاك التي تعتمد على صناعة التفاهة في تذويب كل منصات التفكير الناقد و تقليص مساحة تداول الخطاب العقلاني في العلاقات القائمة على الفعل البشري، فباتت المادية هاجس وغاية الغالبية من الناس للحياة في ظل الشكليات والمظاهر على سطح وجودهم، وهو ما ساهم في تسطيح الكثير من الوسائل، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي التي بدأت تقود الرأي والذائقة العاميين إلى المزيد من التشتت الفكري والنفسي والاجتماعي، على المستوى الفردي والجماعي. لذلك، بدا اليوم الحديث عن التفاهة بأنها شكل من أشكال النظام الجديد، وخطاب بديل عن الثقافة المُنتجة.

فهد توفيق الهندال

التصنيفات
مدونتي

المجلس الأعلى للثقافة

تناقلت بعض الأخبار المحلية نية مجلس الوزراء برئاسة سمو الشيخ أحمد النواف الصباح بانهاء مراسيم عدد من الهيئات والمجالس العليا، لاعادة تقويم مسارها واعداد خطط و رؤى جديدة للوطن على كافة المستويات، بما يتواءم مع رؤية الكويت 2035 والتي تحتاج مزيدا من التقييم والتصويب لما اعتراها من قصور في المرحلة السابقة. من ضمن هذه الهيئات المزمع اعادة تشكيلها، المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، والذي يتطلب وجوه جديدة وشابة من أبناء الكويت من الأدباء والفنانين من ذوي الانجاز والمشاريع الثقافية التي أثبتت حضورها على المستوى المحلي والعربي.

إن ما تمر به الكويت اليوم هو مرحلة عنق الزجاجة، إما تستعيد ريادتها الثقافية في المنطقة، وإما تبقى في ركب متأخر عن الدول التي سبقتنا بأشواط عديدة في تنويع وخدمة الثقافة والمثقفين من خلال مشاريع جديدة ورؤى متطورة وضعتهم في مقدمة الدول الراعية والحاضنة لابداعات ومشاريع المبدعين والمثقفين. نحن لا نتحدث عن دعم مادي بحت، بقدر ما نتحدث عن دعم معنوي يتمثل باتاحة الفرص وتطويع مباني الدولة الثقافية لهم والمشاركة في صنع القرارات والرؤى الثقافية المستقبلية، عبر تنوع المجالات الثقافية، والأخذ بالاعتبار بمنجزهم الثقافي وخبرتهم في المشاركة الجادة في المحافل الثقافية داخل الكويت وخارجها، وأن ينتموا لجيل قادم يستحق اتاحة المجال له في عضوية المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، والمجلس الأعلى للتخطيط، والمجلس الأعلى للتعليم، لكون هذه المجالس هي المشكّلة لمستقبل الإنسان في الكويت.

إن قرار مجلس الوزراء باعادة النظر باستراتيجية رؤية الكويت 2035 وتصويب ما قد اعتراها من قصور وتأخير دليل جدية الحكومة الجديدة في اصلاح الكثير من القضايا العالقة، ومنها القضية الثقافية التي لا تقل أهمية في رسم معالم وملامح مستقبل التنمية الثقافية كرأس مفكّر لخطة التنمية العامة وليس تكملة عدد. فلا تنمية من دون وجود افكار جديدة ومشاريع شبابية تقود المشهد الثقافي نحو التميّز و الفرادة، وليس اعادة الريادة فقط. فاليوم تحتاج الثقافة لهندسة معينة تحولها لمنتج وصناعة وسياحة، وهذا يتطلب الكثير من العقول النابضة بالقدرة على التأسيس الحديث والتفكير الناقد و الباني والمتحمّس والجاد.

فهد توفيق الهندال

التصنيفات
مدونتي

الغباء يصنع نجومية أيضا!

 

في كتابه الفريد من نوعه ( العامل الحاسم ) يطرح إريك دورتشميد مجموعة من المواقف واللحظات التي لعب فيها الغباء والصدفة – معا أوأحدهما – دورا في تغيير مجرى التاريخ. منها على سبيل المثال، إصرار نابليون بونابرت على خوض معركة واترلو التاريخية وهو مصاب بالاسهال ، الأمر الذي بلا شك أثر على مجريات المعركة لصالح أعداءه . الجميل في الكتاب أنه يعقد علاقة وثيقة بين الصدفة والغباء ، ولا يعني بالضرورة ذكاء الطرف الثاني بقدر ما هو استغلاله لموقف الأول الذي لا يحسد عليه ، وكلاهما ما كانا ليلتقيا بالحظ لولا عامل الصدفة بينهما . لهذا كان عاملا حاسما مغيرا لوجه الواقع والتاريخ معا . فربما جمعت الصدفة الإسهال العـرضي الذي أصاب نابليـون في ليلة المعركة التاريخية مع أعدائه ، لكن ليس بالضرورة أنه أغبى منهم أو هم أذكى منه، مع أن لنابليون مقولة شهيرة “في السياسة ، الغباء ليس عائقا” !

ولا تختلف ساحة الحرب عن ساحة السياسة، فهناك من هو أسوأ من نابليون في التخطيط والتبرير والتصريح، منهم أحد المرشحين لانتخابات ولاية تكساس الأمريكية في احدى السنوات، حيث هاجم أحد خصومه بالقول : “هذا الأحمق يستحق أن يركله جحش حتى الموت ، وأنا الرجل الوحيد القادر على ذلك ! “

وقد يلتبس علينا الأمر ولا نفرق بين خيانة التعبير أو الحظ في التلفظ، كما حدث مع نائب الرئيس الأمريكي والمرشح الأسبق للرئاسة آل غور عندما تبنى البيئة مشروعا طويل الأمد في حياته قائلا : “التلوث ليس هو السبب في أذى البيئة ، بل مجموعة من الشوائب في الماء والهواء ! “. فهل خانه التعبير أو الحظ معا، فيحسبه البعض غباءً؟

فكيف يمكن أن يفسر العلم ذلك ، وهو أيضا له نصيب مع الغباء ؟

سئل مرة ألبرت آينشتاين “من هو الغبي ؟ ” فرد قائلا : ” الغبي هو الذي يتسبب بأضرار لغيره أو لنفسه دون الحصول على أي مميزات تعادل هذا الضرر” ! ولدى فوزه بنوبل ارتجل كلمة ليدعم نظريته النسبية، فقال: “هناك شيئان لانهائيان ، الكون وغباءالإنسان ؛ وبالنسبة للكون فأنا ما زلت غير متأكد تماما ” !

ربما ألهمت نظرية النسبية ملكة جمال آلاباما السابقة عندما سألتها لجنة التحكيم: ” إذا ما استطاعت أن تعيش للأبد فهل تقبل ؟ ولماذا؟”

فكانت الإجابة المذهلة دون تلقين أو جهاز أوتوكيو التي ربما أهلتها لتكون ملكة جمال أمريكا عام ١٩٩٥ : “لن نعيش للأبد لأنه لا يجدر بنا أن نعيش للأبد لأنه لو عشنا للأبد فلسوف نعيش للأبد ، لكن ليس بوسعنا أن نعيش للأبد لهذا لن نعيش للأبد! “. قد يكون لهذا النوع من الأجوبة دور في خلق نجومية غير مقصودة ، بسبب غفلة من التاريخ والوعي البشري!

وعلى ذكر ولاية ألاباما ، فما زلت استحضر ذلك الفيلم الجميل للممثل الرائع توم هانكس ( فورست غامب ) وهو الإنسان الريفي البسيط من تلك الولاية والذي يعاني تدنيا في درجة الذكاء ، كيف صنع قدره بنفسه ، وقدر غيره من باب الصدفة التي جعلته بطلا ونجما في مجتمعه ، وربما غبيا في عيون الآخرين. غير أني أرى أن هاجس التفكير البسيط هو الذي دفعه لإنقاذ مجموعة من الجنود المصابين في إحدى معارك فيتنام أثناء بحثه عن صديقه الوحيد بوبا ، أو كيف سرق منه ألفيس بريسلي رقصته المضحكة لتصبح إحدى حركاته الراقصة الشهيرة ، أو كيف قطع أمريكا عرضا وطولا ركضا على مدى عامين لمجرد أنه شعر برغبة بالركض وليس كما روّج أنه يتبع خطا فكريا أو اجتماعيا أو توعويا كما تهيأ لمتابعيه وملاحقيه ، أو كيف أصبح نجما في كرة القدم الأمريكية فقط لأنه يركض سريعا وبعيدا خارج حدود الملعب ، أو عندما تفنن بلعب تنس الطاولة فقط لأنه يراقب الكرة جيدا ، أو كيف أبلغ السلطات الأمنية عن إضاءة مزعجة في أحد المكاتب القريبة منه ولا تدعه ينام فكان سببا في كشف فضيحة ووترغيت التي أطاحت برئاسة نكسون ، وغيرها من المواقف التي يظن البعض أنه بسبب تدني ذكاء ومعرفة غامب ، بينما قد أيضا تدل على غباء الآخرين وكيفية التقاطهم للموضوع .

إذن الغباء جزء من علاقة أفراد العالم فيما بينهم ، لا يمكننا أن ننكرها ، أو نقلل من شأنها ، قد يخفيه الحظ وقد تجعله الصدفة بطلا أو نجما مؤثرا، تعتمد على درجة وعي المتلقي، وقدرته على تمييز ماهو قائم بفعل الحظ ، وما جاء بمحض الصدفة وما يظنه المتذاكون عبقريةً منهم في أن يروا غيرهم اقل منهم ذكاء فيما يتداولونه من ألفاظ وعبارات انتزعت من سياقات ليست لهم، ويعيدون تدويرها وكأن الناس لا يعون ذلك.

لذلك، من اعتقد أنه الأذكى، كان هو الأغبى. ولله في خلقه شؤون .

فهد توفيق الهندال

التصنيفات
مدونتي

البحث عن الكائن الفريد

“هناك قصور في الحركة النقدية العربية عامة، والمحلية أكثر، يجب أن يتزايد حضور النقاد طردياً مع غزارة الأعمال الجيدة، وهذا ما لم نشهده حتى على الأعمال التي تحظى باهتمام إعلامي أو تلك التي تحصل على جوائز، بالنسبة لي لا أبحث عن الإنصاف بقدر ما يضيف نصي للقارئ ولشخصي كروائي.”

هذا اقتباس من حوار صحيفة الخليج مع الروائي خالد النصرالله، ما لفت انتباهي هو ما يراه النصر الله ضروريا في تزايد حضور النقاد “طرديا” مع غزارة الأعمال “الجيدة”، وذكر أن هذا ما لم يشهده حتى مع الأعمال التي تحظى باهتمام إعلامي أو تلك التي تحصل على جوائز!

لاشك أن هموم الكتّاب دائما ما تنصب على قلة التشجيع والاهتمام بما ينتجونه، ويكون للنقاد نصيب في تلقي بعض من هذه الهموم أو الشكوى ، لكونهم غير متفاعلين مع ما يكتبونه أو ينتجونه!

ولكن من هم النقاد المعنيون بهذا؟

هل هم النقاد المشتغلون بالنظرية وتحليل النص أم النقاد الأكاديميون العاملون بتدريس النظرية أم النقاد المعنيون بتقييم العمل وتحديد مستواه بين الجيد والردئ؟

إذا كان الكتّاب متنوعين في اهتماماتهم واشتغالهم، فالنقاد أيضا متنوعون في اهتمامهم واشتغالهم، ولا يمكن أن تتطابق وجهة نظر الكاتب مع الناقد والعكس، وإلا دخلنا في مسألة المجاملة أو الخصومة بين الطرفين.

الأمر الثاني، الناقد المشتغل في النظرية لا يفكر في منجز الرواية الإعلامي ولا الحائزة على جائزة أو تنويه، بقدر ما يرصد قيمة العمل الفنية وأصالة البناء الذي سيكون بصمة الكاتب بما يحتوي على رؤيته وأسلوبه الروائي.

عندما تناول الناقد جيرار جينيت عملا روائيا ضخما بحجم (البحث عن الزمن الضائع) لمارسيل بروست ذكر مبررا سبب دراسته:

“إن التحليل ليس معناه التوجه من العام إلى الخاص، بل من الخاص إلى العام، أي من ذلك الكائن الفريد الذي هو رواية بحثا عن الزمن الضائع إلى عناصره المألوفة كثيرا، من محسنات وطرائق عامة الاستعمال وشائعة التداول، ومن ثم عليّ أن أعترف بأنني أبحث عن الخصوصي أجد الكوني، وإذا أريد أن أجعل النظرية في خدمة النقد، أجعل النقد في خدمة النظرية بالرغم مني”.

وجينيت بذلك يقيم نقاشا منهجيا بين تطوير النظرية بما يؤدي لاكتشافات جديدة في تجربة النص البروستي.

إذن النقد الأدبي هو بحث مفترض في خط إبداعي مؤسس، قد يشكل مدرسة لكتابة إبداعية لجيل من الكتّاب، فليس منا من يجهل أثر روايتي دون كيشوت أو ١٩٨٤ أو قصيدة الأرض اليباب لاليوت أو مسرحية في انتظار جودو لبيكيت وغيرها من الأعمال العظيمة، التي ما كان لها أن تجد حضورها لولا حوار النقد والإبداع، في مد جسور النظرية بينهما،واكتشاف الجديد.

ولعل كونديرا لديه وجهة نظر حول ماهية الناقد:

“ينبغي الامساك بما هو جديد، وما يتعذر إحلال شيء محله، في ما يسهم لنتبين ما اكتشفته مظاهر الوجود التي كانت مجهولة في السابق. إذن يعتبر الناقد مكتشفا للمكتشفات”.

بالنهاية الناقد باحث كما هو الروائي، عن مكاشفات ومكتشفات جديدة في الكتابة، وليس مسوّقا أو مروجا لكاتب ما أو كتابات معينة.

فهد توفيق الهندال

التصنيفات
مدونتي

رب رواية من غير راوٍ

من أكثر ما يشدنا في قراءة أية رواية، اسم كاتبها أو الانجاز الذي حققته أو الموضوع الذي تطرحه أو الدهشة الفنية التي تتميز بها، حتى ولو كانت الرواية الوحيدة في سيرته الأدبية.

المعروف أن الطيب صالح يملك من رصيده الروائي، ثلاثة روايات، أشهرها “موسم الهجرة إلى الشمال”، للموضوع الجدلي الذي طرحته وقتها، ولتقنية السرد المعتمدة على سارد عليم مشارك غير مسمّى بالعمل، ولكونها جزءا من سيرة روائية للطيب شئنا أم أبينا. وبرغم اقتصاده في الكتابة الروائية إلا أن ذلك لم يكن عائقا لكي يكون ضمن أهم ١٠٠ روائي في العالم.

إذن، المنجز الروائي لا يحتسب بالكم المتراكم من الأعمال، وإنما المميز فيما كتبه الروائي والدهشة الفنية التي أبدع بها وأسس معها خطا روائيا جديدا يسير عليه من بعده جيل من الكتاب نحو كتابة الرواية. فالمنجز الروائي ليس رقما، بقدر ما أنه قدرٌ فني يضع كاتبه في قائمة التميز الروائي ولو كان كاتبا لعدد يسير من الأعمال.

فالروائي المبدع هو من يحصي بنفسه أعماله الناجحة دون بقية أعماله، بما يوازي قناعة المتلقي. فللروائي الحق في اقصاء أي عمل يرى فيه “عدم نضج” أو ” اخفاقا تاما” ضمن مسيرته ككاتب كما يرى الروائي ميلان كونديرا.

ولنا مثال رائع فيما اقدم عليه الروائي الراحل اسماعيل فهد اسماعيل في تخلصه من مسودات بعض أعماله لعدم اكتمالها وكان جوابه على سؤالي له إن كان قرارا مؤلما، فأدهشني باجابته بأنه كان يراوده هاجس، فلا يحب أن تنسب إليه بعد وفاته.

إذن، ما يمكن أن نخلص إليه، أن العمل الروائي هو جزء من تأملات الروائي في الحياة، وتمرينات يمارسها لتعزيز وعي هذه التأملات، ومحاولات منه لكي يرسم عالما متخيّلا افتراضيا لعالم واقعي مُعاش. فالرواية حقل تجربة الكاتب فكريا وضميره الحسي ورصيد خبرته الفنية، ولا يمكن أن يغامر كاتب عظيم بتاريخه لمجرد أنه يرغب بأن يكون كاتب موسمي أو كاتب ترند على حساب الصنعة الروائية. فالرواية لا تكتب لمجرد البوح، وإلا اعتبرت يوميات أو مذكرات شخصية، وليس من أجل الجوائز، فكم رواية فائزة غلبتها أخرى خالدة، وليس كتابة لمجرد الحضور بصرف النظر عن قيمتها الفنية وخطابها السردي، وإلا لقرأنا أعمالًا لا تنسب لأصحابها إلا اسما وتكون مجرد رمية تعتمد على الحظ فقط!

فهد توفيق الهندال

التصنيفات
مدونتي

الرواية الفائزة والمفاجِئة

انتهى يوم الاحد الماضي ماراثون 2022 للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) باعلان فوز رواية “خبز على طاولة الخال ميلاد” للروائي الليبي محمد النعّاس، وجاء في تقرير لجنة التحكيم لدورة هذا العام 2022 والذي ألقاه رئيس اللجنة الروائي شكري المبخوت موضحا سبب اختيار الرواية ، نختار منها ما قاله : “استقر رأي اللجنة بالإجماع على تتويج رواية كُتبت بإيقاع سردي سلس في ظاهر النص، هادر متوتر في باطنه، صيغت بلغة عربية حديثة يسيره المأخذ، لكنها تخفي جهدًا في البحث عن أساليب في القول، مناسبة للعالم التخيلي الذي بناه صاحب النص”. والتقرير هنا يشير لأهمية البناء السردي والبحث الروائي الدقيق حول الموضوع بما يفيد أصالة النص وعدم استنساخ فكرته.

ثم يتناول التقرير براعة الكاتب فنيا في رسم شخصيته الأساسية بما ذكره المبخوت:”تمكن صاحب الرواية من تتبع مسار الشخصية وهي تتلعثم، وتستكشف هويتها الحائرة المخالفة للتصورات الاجتماعية السائدة في قرية محافظة، لا تشجع على الحلم”.

كذلك يرسم التقرير صلة الرواية بالواقع والمكان : “وما هذه القري إلا صورة من عالم عربي تهيمن عليه إيديلوجية موروثة مغلقة”. وعن أهمية حضور خطاب ورؤية الكاتب شدد التقرير على فكرة الفردانية في مقارعة العالم بعيدا عن الفكر الجمعي : “الرواية استعادت تجربة فردية في درب من الاعترافات التي نظم السرد المتقن المشوق فوضى تفاصيلها، ليقدم نقدًا عميقًا للتصورات السائدة عن الرجولة والأنوثة، وتقسيم العمل بين الرجل والمرأة، وتأثيرهما النفسي والاجتماعي، تقع الرواية في صلب التساؤلات الثقافية الكونية اليوم حول قضايا الجندر، لكنها منغرسة في آن واحد في بيئتها المحلية والعربية، بعيدًا عن الإسقاط المسف والتناول الإيدولوجي المسيئ لنسبية الرواية وحواريتها”.

إذن لخّص التقرير معيار اختيار رواية النعّاس لموضوعها الآني حول الجندرة والهويات المضطربة، وهي حديث العالم اليوم. ولعل هناك سببا آخر لم يذكر في التقرير، وهو أن العمل هو الثاني روائيا لمحمد النعّاس وهو ما أشار إليه المبخوت في لقاء تلفزيوني بأن رواية (خبز على طاولة الخال ميلاد) هي شهادة ميلاد روائي كبير وهو محمد النعّاس ، وهذا يدل على حدس اللجنة وتوقعها، فإلى جانب المبخوت وهو الروائي والناقد الفذ، والقارئ المتمرس نجد أعضاء اللجنة لا يقلون عنه خبرة وتمرسا في الكتابة والنقد والقراءة كالشاعرة والصحفية سعدية مفرح والروائية والباحثة إيمان حميدان وأستاذة الأدب العربي بجامعة صوفيا ببلغاريا بيان ريحانوفا، والشاعر والمترجم عاشور الطويبي. ويسحب لهم عملهم الصامت بعيدا عن ضغوط الاعلام وتوقعات القراء.

ثمة ملاحظة أخيرة، أن الروايات التي وصلت للقائمة القصيرة لم يكن معظمها متوفرا في المكتبات ولابد من طلبها مباشرة من الناشر، مع أنها وصلت للقائمة الطويلة ومن ثم القصيرة، ومنها الرواية الفائزة، ولا أعلم موطن الخلل هنا، وأتمنى أن تحرص إدارة الجائزة على أن تولي الأمر هذا اهتمامها لتكون الأعمال المرشحة في المتناول مع اعلان قائمة الروايات التي تقدمت للمسابقة دعما لها وتشجيعا معنويا لكتابها على الأقل .

فهد توفيق الهندال

التصنيفات
مدونتي

زهور الحرب

من أجمل فرص عطلة نهاية الأسبوع ، قائمة الأفلام العالمية التي تبحث عنها وفقا لبعض الترشيحات التي تأتيك من اصدقاء ، أو أن الصدفة وحدها التي تضعها أمامك ، فيكون حظك سعيدا في متابعتها والتعرف عليها ، ومن ثم البحث عن أصل القصة وظروف انتاجها ، بما قد يضيفه إليك من خبرة جديدة في تذوق الفن العالمي .
من جملة الأفلام المميزة التي شاهدتها مؤخرا ، الفيلم الصيني ” The Flowers of War” زهور الحرب المقتبس عن رواية بعنوان 13 Flowers of Nanjing للروائية الصينية جيلين يان حيث تدور أحداث الرواية في الصين عام 1937 إبان الاجتياح الياباني للصين في الحرب بينهما ، من ضمنها مدينة نانجينغ التي تشهد مذبحة فظيعة شهيرة تتحول بعدها إلى مدينة أشباح بسبب الدمار الهائل الذي لحق بها ، وهروب من تبقى من أهلها بحثا عن فرص النجاة ، في حين تبقى مجموعة من الطالبات الصينيات محاصرات في كنيسة المدينة التي تتحول إلى المكان المسكون الوحيد في العمل ، فيصل أثناء ذلك جون ميلر متعهد دفن الموتى الذي أدى دوره الفنان العبقري كريستيان بيل لدفن كاهن الكنيسة المتوفى ، فيقوم بتقمص شخصيته مضطرا يساعده في ذلك صبي الكاهن السابق ، حتى مجيء مجموعة من مومسات المدينة بعدما هجرن الماخور الذي كن يعملن فيه هربا من جنون وبطش الجنود اليابانيين ، ليجد ميلر نفسه متورطا مسؤولا عن المكان دون إرادته .
حمل الفيلم أبعادا إنسانية أفرزتها ويلات الحروب ، وما يعيشه الناس في ظل انعدام قوانين وحقوق الإنسان ، وكيف يتحول البشر إلى ذئاب تأكل كل ما يسد حاجتها ويشبع غريزتها ، وهو ما ظهر في شخصية ميلر الذي حاول الانتصار لشهواته ، إلا أنه تخلى عنها في سبيل الانتصار لروحه الإنسانية الساكنة في جسده المخمور المعربد . كما ظهرت القسوة والبشاعة في تعامل الجنود الغزاة مع المكان ومن فيه ، لاسيما الطالبات اللاتي كتمن سر وجود الأخريات المومسات فدفعن براءتهن ثمنا عنهن ، مما أوقع الأخيرات”المومسات” في حيرة ما بين واقع عملهن الأساسي كمصادر متعة للآخرين ، وبين إنسانيتهن في تعاطفهن مع الطالبات وما حدث لهن بسببهن . أو ذلك الضابط الياباني الذي فرض حماية على الكنيسة ومنع التعدي على من فيها ، مقابل أن يستمع لغناء الطالبات بشكل دوري ، قبل أن ينقل ويأتي آخر لا يفكر خلاف جنوده المغتصبين لكل منابت البراءة . لنضيف أيضا شخصية المرشد الياباني في المنطقة عندما أوكل ابنته إلى ميلر لتكون في عهدته بجانب الطالبات ، فيكتشف حقيقة وجود المومسات لاحقا ، ويصمت ولا يفضح المكان ، ليموت والسر معه .
لهذا جاء الفيلم متضمنا جملة من التناقضات حفل بها المكان الواحد ، تنوعت بين شخصيات العمل الذين عاشوا صراعا بين البحث عن فرصة النجاة على حساب الآخرين ، أو الانتصار للروح الإنسانية ولو كان على حساب حقها في الحياة ، فتأتي رسالة الرواية / الفيلم بأن الشرف ليس في أن يحفظ الإنسان نقاءه وطهارته ، بقدر ما أن يحفظ أيضا إنسانيته في تضحيته من أجل الآخرين .
العمل قد لا يتطرق للجانب العقائدي ، إلا أن المكان المستعار في الرواية / الفيلم ، وما يمكننا أن نستبدله بأمثلة أخرى قرينة له بالرمزية ، يجعلنا نتساءل .. هل يكتسب المكان رمزيته ودلالته بما يشكله الظاهر أم بما يضمنه من جوهر ؟
من هنا ، كان المكان دائما في حالة تفاضل بين منزلته ووظيفته ، فالأماكن ليست سواء في رتبتها وتأثيرها وكثافتها الروحية . فوجود قلوبنا في بعض المواطن أكثر روحانية وفضلا من وجودها في أمكنة أخرى – كما يرى ابن عربي – حيث تتحقق للمكان منزلته ، وتنمو في ضفافه الموحشة زهوره التي لا تذبل أبدا !

فهد توفيق الهندال

التصنيفات
مدونتي

مع وقف التنفيذ

تابعت المسلسل السوري (مع وقف التنفيذ) الذي عرض في رمضان الماضي، وهو من تأليف يامن حجلي وعلي وجيه واخراج الفنان سيف سبيعي وبطولة عباس النوري وسلاف فواخرجي وغسان مسعود وآخرون، و سأتوقف بداية مع شخصية (حليم) التي أدّاها باقتدار الفنان غسان مسعود، حليم المثقف المناضل الذي يحلم بمستقبل اجتماعي وسياسي افضل لمجتمعه، ولكنه لم يكن حليما مع ماضيه الذي قضاه في السجن ورغبته بالانتقام الشخصي والطبقي من مجتمعه، ليدفع ثمن غروره وكبريائه أبناءه ( رولا و جبران). قدّم العمل شخصية مثقف مختلفة غير تقليدية، فهو قد يدعو لأفكار ومبادئ، سهلٌ عليه التنازل عنها في لحظة عندما يشعر بالخطر يقترب من أبنائه، إلا أنه وبسبب غروره يمكن أن يضحي بهما في لحظة أخرى أيضا.
شخصية المثقف الذي تحوّل لكتابة المقالات الثقافية التي تدر عليه المال بعد المقالات السياسية الناقدة والتي لم تجلب له سوى المشاكل، لذا فهي ليست غريبة عن واقعنا اليوم، في انتهاز الأفكار والمبادئ الحالمة والاستعراض بها نحو تحقيق مصالح لا تقل فداحة عن واقع السياسي الفاسد و المتسلّق. فشخصيته هنا لا تختلف عن محفوظ عجب في (دموع صاحبة الجلالة) ولا محجوب عبدالدايم في (القاهرة الجديدة) وإن اختلفت التفاصيل، ولكن النتيجة واحدة، صدام مع كل القيم والشعارات وسقوط أخلاقي مدويا جدا هذه المرة!

أما شخصية (جنان) والتي جسدتها الفنانة سلاف فواخرجي فهي نموذج للتحالف السياسي والاقتصادي الذي يقبض على مفاصل الواقع ويسعى لشراء الذمم والأملاك في خطة لتشديد القبضة أكثر على صنع القرار بما فيه مصلحته ومصالح حلفائه.

أخيرا شخصية (فوزان) والذي جسّده باقتدار كبير الفنان عباس النوري، فهو يمثل رجل الشارع الانتهازي الذي يحاول نيل ما تبقى من فتات تحالف المال السياسي مع الاقطاعيين تحت شعار الولاء للسلطة أينما كانت، سعيا منه للصعود من درك أسفل الحياة الحقيرة لاستعادة كرامة مفقودة عبر أي نوع من السلطة والعز على حساب أمثاله من المسحوقين في المجتمع.

لقد جاء العمل (مع وقف التنفيذ) وكما هو عنوانه تعبيرا عن وقف الكثير من مشاريع التنمية الفكرية والاقتصادية والسياسية بسبب شخصيات تسلقت هذه الشعارات نحو مصالحها الضيقة وتركت المجتمع يسبح في القاع دون حراك اجتماعي واع ومستنير!

فهد توفيق الهندال

التصنيفات
مدونتي

في اليوم العالمي للكِتاب

منذ اشتغالي في عالم النشر، لا تنفك عن بالي تلك الأسئلة التي أواجهها مع زملائي المؤمنين بقيمة النشر الثقافي، حول الجدوى من مشروع قد لا يدر ربحا تجاريا بقدر عائده الثقافي. قد تحتاج إجابتي لسطور أكثر، ولكنني سأختصرها بشاهد قصة الأديب عبدالحميد جودة السحار و صديقه الأديب العالمي نجيب محفوظ حول جدوى مثل هذا المشروع، حيث كان الاثنان طالبين في مدرسة واحدة، وسكنا حيا واحدا، وأحلامهما واحدة، إحداها فكرة إنشاء دار للنشر. فيقول السحار عن ذلك في كتابه ( صور وذكريات ): «ولدت الفكرة وما أيسر ولادة الأفكار وما أعسر إخراجها إلى عالم النور لمن كان مثلي لا يملك أية أداة من أدوات التنفيذ. ومنذ ذلك اليوم أصبحنا نلتقي أنا ونجيب محفوظ في قهوة الفيشاوي وفي قهوة عرابي في ميدان الحسينية وصرنا لا نفترق لا حديث لنا إلاّ حديث الأدب، نعيش على أمل واحد أن تعرف كتبنا رفوف المكاتب، فما كنا نطمع في أن تحتل مكاناً في الواجهات الزجاجية التي خصصت لكبار المحظوظين وعرفت أن نجيب دار بقصصه الفائزة بجوائز الدولة على دور النشر فاعتذرتْ له لأنه ليس من مشاهير الكتّاب. كأنما ولد هؤلاء وهم من المشاهير، فزاد ذلك في تصميمي على إنشاء دار للنشر هدفها نشر آثار المغمورين».

ويذكر أن السحار لجأ إلى مصوغات زوجته فباعها ، وكون مع محفوظ وثلة من أصدقائهما الأدباء لجنة النشر للجامعيين التي قدمت المؤلفات الاولى لهم ، ولأبناء جيلهم ، ثم توقف المشروع بعد الخسارة المادية التي تعرض لها السحار لقاء اصراره على القيام بهذا المشروع . ومع ذلك استمرت أعماله و أعمال أصدقائه خالدة حتى هذا الوقت ، لتفوز رواية صديقه نجيب محفوظ بجائزة نوبل بفضل تلك الأماني و الطموحات و الجهود في خدمة الأدب و الثقافة.

قد يختلف معي البعض حول وصفي الكتاب ب”سلعة حياتية”، أو حتى مجرد وصفه بـ ” سلعة ” لما يحمله من قيمة معنوية أكثر منها مادية ، وهذا مرده إلى الصورة التقليدية الراسخة في ذهنية الكثيرين، بأن الكتاب قيمة ثقافية أو أدبية بحتة ، دون التفكير للحظة أنه بمجرد شرائك إياه فأنك دخلت دائرة التسويق لكونك شاري سلعة من بائع، لا يختلف عن بقية السلع الاستهلاكية الأخرى !

تعتبر الثقافة اليوم قيمة و سلعة في آن، ولا يمكن الفصل بينهما، فالقيمة لوحدها تحددها جودة المنتج، والسلعة مرتبطة بذلك، وإلا لماذا تحرص الدول الصناعية مثلا على دعم صناعة الكتاب ضمن مجالات التصنيع لديها ؟

في أوربا ، لا يقل الدخل السنوي من إيرادات الكتب مثلا عن 20 مليار يورو سنويا منذ عام 2011، وهو ما لا أعتقده مقاربا للدخل السنوي العربي من صناعة الكتاب. ما يعني ضرورة إعادة النظر في مفهوم معارض الكتب العربية ضمن رؤية جديدة لا تقل عن الرؤية الأوربية أو الآسيوية في صناعة الكتاب، مما يتطلب جهودا وقناعة مكثفة و عملا دؤوبا يرتقي بصناعة الكتاب بدءا بتخفيف قيود الرقابة وتخفيض سقفها نحو اطلاق مساحة أوسع من الحرية المسؤولة للتأليف والنشر والترجمة ، وصولا بتنويع المنتج للكتاب وجودته، حتى نصل إلى صناعة شاملة لكل من الكاتب والمتلقي والناشر ليكملون سيرة الكتاب وحضوره المستمر.

فهد توفيق الهندال