التصنيفات
مدونتي

فلسفة الجوائز الأدبية

اتخذت جائزة كتارا للرواية العربية مؤخرا خطوة مهمة٫ عندما أعلنت عن قائمتها الطويلة. حيث ضمت ٦٠ عملا في فئة الروايات المنشورة، و ٦٠ عملا في فئة الروايات غير المنشورة. وهذه تعتبر أطول لائحة طويلة عرفتها الجوائز الأدبية والعربية، مما يشكل بعدا إعلاميا وتسويقيا لصالح الاعمال المرشحة وبعدا موضوعيا وشفافا حول الأعمال المشاركة والمنافسة فيما بينها، وليس مجرد الإعلان عن مشاركة مئات الأعمال ومن ثم قائمة طويلة محددة بأقل من خمسة عشر عملا!

هنا أصابت كتارا ما غاب عن ذهنية بقية الجوائز الأدبية الأخرى في كسب مصداقية أكبر وحماسا لدى الكتاب في أن تحظى أعمالهم بمزيد من التسويق والاهتمام، وليس تكريسا لأسماء بعينها. والمعروف، أن جائزة كتارا للرواية العربية، تعلن بعد نهاية الدورة أسماء المحكمين تحقيقا للشفافية والموضوعية ، لاسيما أنهم من ذوي التخصصات النقدية في السرد. وهذا يكسب الجائزة سمعة مهنية وتخصصية أكثر من غيرها.

فقد اختلفت فلسفة بعض الجوائز الأدبية، وتختلف عما كانت عليه سابقا ، فيتنافس عليها المتنافسون في كل مجالات الأدب، لتختلف من مكان إلى آخر، ومن مؤسسة لأخرى، وفق آليات تصور سياسة القائمين عليها، والغاية التي تطمح للوصول إليها. فهناك جوائز المؤسسات الثقافية الراقية التي تنشد التنافس بين المبدعين لاثراء الساحة بتعدد المواهب والمنجزات، وأخرى تسعى لاتخاذ موقع مؤثر ما على الساحة الثقافية، تربطها مصالح وروابط مع مثيلاتها في شلليات التنفيع المتبادل والمصالح الضيقة.

وإذا ما استعرضنا جملة الجوائز السنوية، فأين موقعها من التصنيفين السابقين ؟

ليس لدي اعتراض على تأسيس جوائز أدبية تمنح للمتميزين في نتاجاتهم، ولست ضد تنوعها وتعددها وتناسلها إقليميا، ولكنني أتحفظ على آلية بعضها غير الواضحة مما تزيد من تهافت / تكالب الكثيرين عليها ، مما قد يساهم في تراجع دور الأدب في توعية وتنمية المجتمع، واضفاء المزيد من المحيرات حول دور الأديب ومهمته المفترضة، هل هي إبداع من أجل الإبداع . أم ابتداع من أجل المنفعة ؟

ومع ذلك ، إن من أبرز إيجابيات هذه الجوائز وأخبارها ، المتابعة الجدية من قبل القارئ العربي بنوعيه العادي والمتخصص للأعمال المرشحة والمتنافسة. ليبقى الحكمُ الحقيقي لديهما، ولو كان شخصيا بالنسبة للأول، وتخصصيا للثاني . ولكننا في النهاية قراء، يعجبنا ما نقرأ أو لا يعجبنا وفق مزاجنا الخاص. ولا يمكننا فرضه على الآخرين . في حين نشترك معا ، بأن الأثر الجمالي للعمل ودهشته يبقيان محفورين في ذهنية القارئ الباحث عن جمال النص، بعيدا عن المزاجية والشللية في توزيع الجوائز.

أخيرا، ومن باب الطرافة، أسس الشاعر عبدالمعطي حجازي ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي، وفاز بجائزته في الدورة الثانية، وسط جدل كيف يفوز بها وقد عمل مقررا للملتقى! الامر الذي اعتبره الشعراء المشاركون بانه يخالف ابسط قواعد واحكام أي جائزة تنأى بنفسها عن شبهة الانحياز الى أي من العاملين عليها.
في حين اعتبر حجازي مقرر الملتقى فوزه بالجائزة امر يدعو للفخر والأعتزاز بها رغم أنها ليست أول اعتراف به كرائد للشعر لافتا الى ان منحه الجائزة يجيء كاعتراف حميم وبليغ له قدره وأثره ومستذكرا زملائه الشعراء الراحلين مبينا ان الجائزة ليست له فحسب وإنما لهم. أي لا شاعر ولا مبدع غيره بين صفوف الأحياء!

فهد توفيق الهندال

أضف تعليق