التصنيفات
مدونتي

Hunger

فيلم تايلندي يغوص في أعماق جوع النفس البشرية، وعدم شعورها بالشبع نتيجة الطمع المستمر، ومحاولة اشباع هذه الغريزة التي قد تتحول لجانب حيواني أكثر منه بشري. الفيلم في مدته التي تقارب ساعتين وأقل، يتناول قصة الطباخة (أوي) العاملة في مطعم ذي استثمار محدود لعائلتها، تقدم الوجبات الشعبية الرخيصة في مجتمع مسحوق طبقيا وماديا، لكنه مستقر اجتماعيا، لتدخل في تجربة مغامرة مغايرة عليها في فرصة العمل مع أشهر طباخي مدينتها (بول) الذي يقصده الطبقة المخملية وكبار علية القوم لما يجدونه من متعة فيما يطبخه وما يمثلهم كطبقة عالية وما يداعب شهيتهم المفرطة تجاه شهوة الجوع وليست حاجته، ولعل (بول) هنا يمثل الفرد الذي صعد من بيئة مسحوقة كما هي (أوي) إلا أنه تخلى عن قيمه في سبيل تحقيق مجده الشخصي وأيضا متعته السرية في رؤية الشراهة في عيون زبائنه المخمليين لما يحركه فيهم جوعهم من مشاعر اللذة، فتتحقق لذته الخاصة في ذلهم عبر الطعام الذي يطبخه لهم، سواء في سهراتهم الماجنة أو رحلات صيدهم لطرائد الحياة المحرمة. فتشكّل (أوي) الوجه الثاني للطموح نحو الخروج من الهامش، ولكن ليس على حساب القيم وشراكة الحياة مع الآخرين، ودون التخلي عن التميّز في خدمة الناس ومعاملتهم. فالجوع ليس بالضرورة يعبر عن شهوة جامحة، وإنما أيضا هو حاجة إنسانية للاستمرار على مائدة الحياة.

اعتمد الفيلم على التصوير الدقيق لتفاصيل الطبخ، على تناقضي النار /الضوء عند (أوي) والظلمة/ الغموض عند (بول)، والمقابلة بسن سرعة ايقاع الحياة المتعبة عند (أوي)، الاسترخاء والغموض المؤثث بالهدوء عند (بول) ، الانفعالات المرتسمة على ملامح (أوي) لمشاعرها المرتبكة والمتأثرة، والبرود المسيطر على (بول) غير المبالي بأي معاني الحياة سوى المجد الشخصي.

من أعمق مشاهد الفيلم تلك الحوارات بين (بول) و(أوي) وما تكشفه من تناقضات الشخصية بينهما، برغم أنهما من ذات الهامش، ولكن تكسب القيم في نهاية المطاف بين الشخصيتين. من جملة الحوارات يمكن أخرج بهذه العبارات:

1. لكي تصبح طاهياً ، فأنت بحاجة إلى دافع أقوى من الحب.

2. ليس هناك ديمقراطية في المطبخ ، فقط الدكتاتورية.

3. الفقراء يأكلون لإنهاء جوعهم ، ولكن عندما يكون لديك أكثر من ما يكفي من الطعام ، فإن جوعك لا ينتهي.

إذن، رسالة الفيلم: ليس هناك ماهو أصعب من مطبخ الحياة، يتنوع فيه الطهاة بحسب جوع زبائنهم.

فهد توفيق الهندال

أضف تعليق