بموافقة مجلس الوزراء السعودي، تمت تسمية عام 2023 بعام الشعر العربي، وذلك تعميقاً للاعتزاز بالتراث الإبداع وتأصيلاً لدور الجزيرة العربية وطناً لثقافة العرب وإنجازهم الحضاري، كما جاء في قرار مجلس الوزراء السعودي. ويأتي عام الشعر العربي بعد تسمية العام 2021 بعام الحرف العربي وعام 2022 بعام القهوة العربية، وشهدت المملكة فعاليات احتفائية متنوعة على مدار العام بهذه القيم والرموز العربية بما تشكلّه من امتداد حضاري عربي، وما يحمله من مخزون ثقافي عريق وأصيل.
وأجد عام الشعر العربي تجسيدا لرغبة جادة في استعادة الشعر لمكانته وهويته التاريخية والثقافية في الجزيرة العربية بعدما ازدحمت الساحة بتخمة روائية على حساب الرشاقة الشعرية، ولعل أهمية الشعر العربي تكمن في تكوين الهالة المعرفية والثقافية لدى المجتمع كما قال الشاعر جاسم الصحيح في تعليقه على تسمية عام الشعر العربي:”يجب أن نعترف أنّ الشعر يحتاج لمثل هذه المبادرة السامية التي تعمّق العلاقة الحاضرة بين المجتمع والشعر، وترتفع بها إلى مستوى الهالة المعرفية والثقافية، بدلاً من أن تبقى علاقة مقتصرة على الترفيه والاستئناس بالشعر فقط”.
عند الاطلاع على التقويم الثقافي للمؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية في المملكة نجد أنها منسجمة تماما وتسير وفق قرار مجلس الوزارء في اطلاق وسم الشعر العربي على عام 2023 بما حشّدته من فعاليات وأمسيات شعرية وندوات نقدية تدور في فلك الشعر والشعراء، بالاضافة لالتزام كافة وسائل الإعلام بحضور وسم عام الشعر العربي في مختلف جداول برامجها، كجزء من خطة تسويقية عامة على مدار العام، وهذا بطبيعة الحال سيساهم في صناعة جمهور مثقف ومبدع قادر على مواكبة الحداثة والتطور مع الاحتفاظ بروح الأصالة والهوية العربية.
عندما نجد اهتماما بالثقافة والإبداع من أعلى المستويات السياسية في المملكة، فهو استشعار لأهميتها في تشكيل المستقبل وحضورها كشريك استراتيجي في رؤية المملكة 2030 في بناء الإنسان قبل العمران وأن تكون الثقافة موردا من ايرادات المملكة، وهذا لن يكون إلا بوجود الشخص المناسب في المكان المناسب، ووضع الرؤى والأهداف التي سيكون لها نتائج مثمرة على المدى البعيد، ويكفي الاطلاع على كم المبادرات التي تقدمها وزارة الثقافة وهيئة الأدب والنشر والترجمة كمثالين وليس للحصر، ستجد عاما ثقافيا مليئا بالأفكار الجديدة وحضورا كبيرا من المهتمين والمتابعين، بفضل قيمة المحتوى وجدية الرؤية.
أخيرا.. كانت ليلة مذهلة بكل جوانبها بحضور صاحب السمو الملكي الشاعر بدر بن عبدالمحسن في أمسية لم يشهد لها نظير من تنظيم مبادرة إثراء، حاوره فيها الإعلامي القدير تركي الدخيل، وشهدها حضور كبير استمتع بهذه الاحتفالية شعرا وموسيقا وفنا تشكيليا وسط حضور عدد من الفنانين الكبار الذين غنوا للبدر، فكان بحق بدر التمام لليلة قلّما يجود بها الزمن.
فهد توفيق الهندال




3 replies on “عام الشعر العربي”
الشعر تعبير عن مشاعرنا لحدث ما بطريقة غنائية يسهل حفظ تلك الحداث، سواء كانت تاريخية ملحمية او ثقافية علمي كالنحو مثل ألفية النحوية الشهيرة لابن مالك وغيرها من العلوم ، أدبنا غني بطرق التعبير و التوثيق التي تندر في اللغات الاخرى
ما أجمل الاعزاز بشعرنا و جعل له عام يمجده. شكر على هذا المقال الجميل الذي سلط عليه الاضواء حول مبادرة المملكة الرائعة لعام الشعر
إعجابLiked by 1 person
شكرا لهذه المقالة، لقد نورتنا بحدث لم أكن قد سمعت به. الاهتمام بالشعر وتسمية سنة 2023 عام الشعر فكرة رائدة. الشعر ليس فقط تعبيرا عن العاطفة، ولكنه أيضا وعاء يحفظ الثقافة والحالة الحضارية للأمة. حينما ندرس موضوعات الشعر في أية فترة زمنية سنجد تراكما معرفيا يكعس روح العصر يتمثل في المفردات، وأساليب الصياغة، والكنايات والاستعارات والتشبيهات، وكذلك الموضوعات. مثل هذه العناصر تمثل متعة قراءة الشعر، ومحاولة تحليله وفق أطر فكرية ومناهج تحليلية مختلفة.
إعجابLiked by 1 person
سعيد بمروركم دكتور
إعجابإعجاب