التصنيفات
مدونتي

كأس العالم ببشت خليجي

على مدى شهر تقريبا، قضى العالم وقتا ممتعا وحماسيا مع الساحرة المستديرة، في مهرجان رياضي دولي عبّر عن حاجة البشر إلى فسحة قصيرة لالتقاط أنفاسه وايقاف الزمن لبُرهة، لينسوا فيها الصراعات ووجوهها المختلفة، ونذر الحرب النووية، ليعيش متنفسا جميلا متمثلا بلعبة كرة القدم التي أطلق عليه الفيلسوف الايطالي غرامشي (مملكة الوفاء البشري التي تمارس في الهواء الطلق).

ما يشدك في مشهد افتتاح البطولة الدولية التي أقيمت في الدوحة، هو ذلك الحوار المُدهش بين الممثل العالمي مورجان فريمان والشاب القطري المعجزة غانم المفتاح الذي افتتح الحوار بقوله تعالى:” يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكم”.

فيقول مورغان: “أرى الآن أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا.. كيف يمكن أن نديم التوافق أكثر وأكثر”. فأجابه الشاب القطري: “بالتسامح والاحترام يمكن أن نحيا معاً تحت سقف واحد”.

وهذا ما عملت عليه دولة قطر من بداية استعدادها لتنظيم بطولة كأس العالم، وكيف يمكن أن تنسجم البطولة الدولية مع طبيعة وعادات أهل البلد والمنطقة في تحدٍ كبير لكل ما سبق من مظاهر واحتفالات الدورات السابقة للبطولة في أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا.

فبالتسامح والاحترام فرضت قطر هيبة هُويتها وثقافتها العربية والإسلامية، فلا يعلو أي اعتبار على هُويتها وخصوصيتها، سواء ما تجسّد في حفل الافتتاح أو أثناء الدورة وصولا إلى حفل الختام حيث حرصت على حضور الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي مرتديا الكوفية الفلسطينية وملقيا كلمة تعبر عن أهمية حق الشعوب في السلام والوجود.

ولأن قطر آمنت بأهمية اعتزاز الإنسان العربي بمبادئه وهويته، جعلها ذلك عرضة لهجوم كثير من الصحافة والأقلام الغربية محاولة تقليل أهمية البطولة الحالية أو مصادرة فرص نجاحها. فكان الرد الحاسم على أرض الواقع بالتنظيم المتفوق على مستوى عالمي غير مسبوق بإشراف قطري محترف جدا، ليكون مبعث فخر كبير لأبناء الخليج. وهو ما اكتمل رمزيا في نهاية تتويج المنتخب الأرجنتيني بإلباس اللاعب العالمي ليونيل ميسي البشت الخليجي كدلالة على نجاح البطولة على أرض الخليج، وردا على كل من شكك بقدرة قطر على تنظيم البطولة، ورسالة بأن دول الخليج العربية ليست فقط منتجة للنفط، بل صارت مركزا للثقافة والفن والرياضة على مستوى العالم أجمع.

فهد توفيق الهندال

أضف تعليق