في خطاب وثيقة العهد الجديد الذي تفضّل به سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح حفظه الله في افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي السابع عشر، جاء تأكيد سموه على دور الإعلام وأهمية المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، بتفعيل دورها المطلوب في مراقبة الأداء البرلماني والحكومي. لهذا وجّه سموه الجهاز الإعلامي في الحكومة ممثلة بوزارة الإعلام باعتبارها إعلاما ملكا للشعب وليس إعلاما خاصا للحكومة، بأن تقوم وكافة أجهزتها بعقد ندوات من خلال ملتق شعبي لاستعراض كل ما يعرض في مجلس الأمة أو مجلس الوزراء من مشاريع وقرارات تهم المواطنين، بهدف المناقشة والاطلاع من قبل المواطنين ومعرفة ما تم تشريعه وتنفيذه وإنجازه.
المتأمل لما احتواه خطاب سمو ولي العهد بما تعلّق بدور الإعلام هو توجيه لكي يفعّل الإعلام الرسمي دوره المفترض في أن يكون حلقة الوصل الشفافة والوسيط الفعّال بين المواطن والمشرّع والمسؤول، عبر حوارات مباشرة وبرامج إعلامية تؤكد على السقف العالي في ابداء وجهات النظر وتحمل مسؤولية هذه الحرية في ايصال رسالة المواطن لمركز القرار وما وقف عليه من ملاحظات و تعليقات على أداء الحكومة والمجلس و المشاريع المتصل بهما، وهو ما كان فاعلا في سنوات ماضية كانت فيه مساحة كبيرة للبرامج المتفاعلة مع قضايا المجتمع وهمومه و طموحه بعيدا عن المدح في غير محله والنقد غير البنّاء.
من يتابع مسيرة الإعلام الكويتي في ثمانينات وتسعينيات القرن العشرين سيجد كما من البرامج النوعية التي كانت تتصل باهتمامات المواطن اليومية، وما يصبو إليه في هذا الوطن. كانت المساحة كافية لايصال الصوت بشكل مباشر وموضوعي دون حساسية أو قلق أو توتر من نقد المواطن وملاحظاته. ولعل خطاب سمو ولي العهد ركّز على النتيجة المرجوة من عودة الإعلام لملكية الشعب لمعرفة أوجه القصور والخلل في أداء الحكومة والمجلس وتحديد من تقع عليه مسؤولية تأخيرها أو عدم تنفيذها، لتحقيق الهدف الرئيس بأن يكون كل المواطنين طرفا شعبيا مشاركا في متابعة ومراقبة أعمال مجلس الأمة والحكومة وشركاء في عملية تصحيح المسار، كما جاء في خطاب سمو ولي العهد حفظه الله.
وعلى هامش خطاب سمو ولي العهد حفظه الله، لابد من الإشارة إلى أن الوعي المنشود غير مقصور على أجهزة وزارة الإعلام، وإنما أيضا يشمل الصحافة المهنية ومؤسسات المجتمع المدني وأنشطة الثقافة والفنون والمسرح لكونها المنصات الأولى في تاريخ الكويت التي تعبر عن هواجس المجتمع وتطلعاته و ملاحظاته وترصد تنامي وعيه. وتاريخ الثقافة في الكويت حافل بتلك الروح المنسجمة مع مبادئ وطنها ودستور البلاد قبل أن ندخل عصر الإعلام الاجتماعي وما سببه من فوضى المفاهيم وتسطيحها، لتتجاهل الأغلبية من الناس دوره المفترض في التحاور والتواصل الهادف واقتصروا على الجانب الاستهلاكي والتطرف في التداول.
إن دعوة سمو ولي العهد لتفعيل دور الإعلام الشعبي هو ادراك لأهمية استشعار حس المسؤولية من الجميع، ودفع كل مظاهر التشدد والتطرف بالكلمة الحسنة وما هو أحسن وأسلم لاقامة حوار عقلاني بين أبناء المجتمع الكويتي.
فهد توفيق الهندال

